في عيدهم … مطالب العمال التي تحولت إلى مذبحة بعد ثورة يوليو
كتبت : سميةعبدالمنعم
رغم آمال وطموحات المصريين بعد ثورة يوليو وخاصة الفقراء وقوى الشعب العاملة منهم ورغم بعض ما تحقق منها للعمال والفلاحين في الفترة الناصرية إلا ان واقعة إعدام خميس والبقري بقيت وصمة عار يكتوي بها جبين الثورة وما ترتب عليها من تأميم للحركة العمالية وإحكام السيطرة عليها مما جعل تلك الامتيازات والمكاسب مجرد خدعة وفقاعة هواء .
فما هي قصة خميس والبقري؟
في 12 أغسطس 1952 نظم عمال بمصنع كفر الدوار وقفة احتجاجية مطالبين بحقهم في زيادة أجورهم وكذلك احتجاجا على نقل مجموعة من العمال من مصانع كفر الدوار إلى كوم حمادة بدون إبداء أسباب وهو ما ادي الى اعلان اضرابهم عن العمل لتصل أصواتهم لحركة الجيش منددين بحركة نقل العمال وتدني الأجور والحوافز وتدهور سكن العمال.
الا انه وبدلا من الاستجابة لمطالبهم او حتى الوعد ببحثها ،فوجئ العمال بقوات الأمن التابعة لكفر الدوار تحاصرهم هم والمصنع من جميع الاتجاهات حيث كانوا ينفذون أوامر القيادة في حركة الجيش الذين ظنوا انهم من سيساعدهم على تحقيق مطالبهم، واحتد الامر بإطلاق قوات الأمن النيران على العمال مما ادى لسقوط عامل قتيلا.
وعندما سمع العمال ان رئيس الجمهورية محمد نجيب وقتئذ، سوف يمر عند باب المصنع، نظموا مسيرة اخرى لباب المصنع مرددين هتافات مساندة للجيش والقائد العام الا ان نجيب لم يمر ولم يحضر اصلا ، فغضب العمال وخرجوا عند مدخل المدينة بالمسيرة وفي طريقهم مروا باحدى نقاط الجيش وهتفوا للجيش.
فكانت المفاجأة غير المتوقعة عندما انطلقت رصاصة من بين العمال على أحد العساكر فسقط قتيلا ، وبالطبع اشتعل الموقف بين الجنود والعمال فتم إلقاء القبض على مئات العمال ومن بينهم محمد مصطفى خميس (19 عاما) ومحمد عبد الرحمن البقري(17عاما) وكان من بينهم ايضا من لم يتجاوز عمره الحادية عشرة .
*المحاكمة
برئاسة ” عبد المنعم أمين” احد الضباط الاحرار انعقدت المحكمة العسكرية ، وفي حضور الرئيس الراحل “جمال عبد الناصر” الذي كان يشغل وقتها منصب وزير الداخلية ، ووجهت المحكمة للعمال تهم القيام بأعمال التخريب والشغب وقتل عسكري ، وانتهت المحاكمة في اربعة أيام وصدر الحكم على خميس والبقري اللذين كانا يقودان المسيرة بالإعدام شنقا.
وفي النادي الرياضي بكفر الدوار جلس عشرات العمال في دائرة واسعة تحوطهم حراسة مشددة وعبر الميكروفون اذيعت عليهم أحكام بالأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة .
وفي 7 سبتمبر من العام نفسه وقبل عيد الأضحى بأيام تم تنفيذ حكم الإعدام على خميس والبقري بسجن الحضرة بالإسكندرية تحت حراسة مشددة ، وقد علت أصوات خميس و البقري صارخين قبل الإعدام مباشرة “حنموت وإحنا مظلومين” .
*وفي كتابه «كلمتي للتاريخ»،يؤكد محمد نجيب أن قرار الإعدام جاءه للتصديق عليه فتردد ..الا أن عبد الناصر اقنعه بضرورة ردع التمرد حتي لا يجرؤ أحد على تكرار ما حدث، فصدق عليه.
* حكم الاعدام وأثره على الحركة العمالية
واعتبر حكم إعدام القياديين العماليين “خميس و البقري” سقطة ووصمة عار على جبين اعضاء مجلس قيادة الثورة ، لما مثله من تناقض ومخالفة صريحة لمبادئ ثورة 52 ، كما جاء نشر خبر إعدامهما بمثابة تعمد لبث الرعب في صفوف الحركة العمالية واشاع انطباعا بأن هذا سيكون مصير المعارضين للنظام الجديد .
وقد ادى هذا الحكم إلى كسر الحركة العمالية لعدة سنوات لاحقة، خاصة أنه حدثت مساومات بين الضباط و العمال لإجبار المتهمين على الاعتراف بوقائع الاشتباكات التي وقعت على خلفية الإضراب .