أنا شخصياً لست واثقاً جداً بنفسي , وثقتي تعتمد على الموقف الذي أنا فيه.
فأجدني أحيانا جدُّ واثق من نفسي، وأحياناً أخرى أفقد الثقة تماماً، وتراني أمضي وقتاً طويلاً بالتفكير عن كيفية كسب ثقتي بنفسي.
يجعلني هذا الأمر كذلك أتساءل كيف يمكننا أن نميز إنساناً يثق بأفكاره و خططه حق الثقة في عالم شعاره “تظاهر بالثقة إلى تكتسبها Fake it till you make it” وكيف نعرف أن لثقته هذه ما يبررها حقاً؟ والأهم من ذلك كيف تعرف أن إحساسك بالثقة بنفسك أمر مبرر؟
للأسف، أنا لا أملك الجواب لذلك سألت ضارمش شاه الشريك المؤسس لشركة هب سبوت HubSpot (المصنفة في المرتبة 666 في قائمة أفضل 5000 شركة بحسب موقع inc.com لعام 2013) وهو شخص قابلَ بحياته الكثير من المقاولين واستثمر في العديد من المشاريع. سألته السؤال التالي: “كيف له أن يميّز الأناس الذين يثقون بأنفسهم حق الثقة؟”.
تذكر أنّ الثقة ليست تظاهراً بالشجاعة، وليست أن نختال بمشيتنا، كما أنها ليست وقاحة، أو برودة نواجه بها الأخرين، بل هي هدوء وتعبير طبيعي عن المقدرة والخبرة واحترام الذات .
من حسن حظي اني عرفت أناساً واثقين بأنفسهم فعلاً، الكثيرون منهم يعملون معي في هب سبوت، بينما يقوم الأخرون بالتأسيس لمشاريعهم الخاصة. البعض الآخر منهم تعرفت عليه من خلال استثماري في شركة Angle. ولكن غالبيتهم كنت قد تعرفت بهم من خلال حياتي المهنية وهم يعملون بشتى أنواع الصناعات و المهن .
وليس غريباً أن يحملوا ويتشاركوا جميعاً بالسمات التالية:
1. هم أصحاب موقف. لا لاعتقادهم أنهم لا يخطؤون، ولكن لأنهم لا يخافون من أن يكونوا مخطئين.
الأناس المغرورون والمزهوون بأنفسهم يميلون الى اتخاذ مواقف ومن ثم التصريح بآرائهم متوعدين ومهددين غير آبهين أبداً لمبدأ الرأي و الرأي الاخر ولا لوجهات النظر المختلفة عن وجهات نظرهم. يدّعون أنهم على حق ويريدون منك التسليم بذلك، بينما سلوكهم لا ينم إلا عن عناد وتشبث بالرأي.
الواثقون من أنفسهم فعلاً لا يهمهم إن أثبت الأخرون أنهم على خطأ، لأن اكتشاف الصواب أهم عندهم من أن يكونوا هم صواب.
وعندما يكونون مخطئين فإنهم يملكون الثقة الكافية للتراجع عن خطئهم بكل لباقة وتهذيب.
الواثقون الحقيقيون غالباً ما يعترفون بخطئهم، وإن لم يمتلكوا الإجابة على أسئلة ما فإنهم يقولون ببساطة لا نعرف الجواب.
2. يستمعون أكثر بعشرة أضعاف مما يتكلمون.
إن التفاخر وعرض العضلات هو قناع الشخص غير الواثق.
الواثقون هم على الدوام هادئون وغير متغطرسون. هم يعرفون ما هو رأيهم ويريدون معرفة رأيك أنت.
وهم يطرحون أسئلة ذات نهايات مفتوحة تمنح الآخرين الحرية في الاستغرقق بالتفكير بعمق واستخلاص النتائج: يسألونك ما تفعل، وكيف تفعل ماتفعله، وما الذي تحبه فيما تفعله، وما تعلمت مما تفعل ويسألونك ماذا يجب عليهم أن يفعلوا لو وجدوا أنفسهم في موقف مماثل.
الأشخاص الواثقون على يقين في قرارة أنفسهم بأنهم يعرفون الكثير ولكن يسعون دائماً لمعرفة المزيد. وهم يدركون بأن الطريق الوحيد للتعلم أكثر هو بالإنصات أكثر.
3. يتجنبون الأضواء، ويسلطونها على الأخرين.
هم على الأغلب من قام بأكثر العمل، وذللوا كل العقبات الكبرى، وبددّوا الشك من نفوس الكثيرين محولين مجموعة من الأفراد اليائسين إلى فريق عمل موثوق به وعالي الأداء .
الواثقون لايهمهم أن يظهروا أنهم من قام بالعمل، ولكنهم فخورون بداخلهم بما أندزوا وذلك حق لهم. وهم لا يلهثون وراء المجد فهم يعرفون وواثقون من إنجازاتهم .
إنهم ليسوا بحاجة للحصول على الشرعية والمصادقة من الأخرين لأن شرعيتهم كامنة بداخلهم و تنطلق من ذاتهم. وهم يقفون في الصفوف الخلفية ليحتفلوا بإنجازاتهم من خلال الأخرين، لكي يعطوا فرصة للآخرين للظهور و البريق، مانحين إياهم جرعة الثقة ليصبحوا واثقين حقيقين مثلهم ايضاً.
4. لا مشكلة عندهم في طلب المساعدة:
يشعر الكثير من الناس أن طلب المساعدة دليل ضعف وأن في طلبهم يعني أنه ينقصهم المعرفة، أوالمهارة، أو الخبرة.
أما الواثقون فلديهم ما يكفي من الثقة للاعتراف بضعفٍ ما لديهم، لذا فهم يبادرون لطلب المساعدة من الآخرين، ليس فقط لقدرتهم التامة على الاعتراف بأنهم بحاجة فعلاً للمساعدة، بل أيضا ليُشعروا الشخص الآخر الذي طلبوا العون منه بأنه شخص له قيمته عندهم.
فقولك “هل تساعدني” يتضمن احتراماً كبيراً لخبرة و حكمة الشخص الذي تطلب مساعدته وإلا لما كنت ستسأله بالأصل.
5. دائماً يتساءلون “لمَ لا أكون أنا”؟
يشعر الكثير من الناس بأن عليهم الانتظار حتى يتم اكتشافهم: من أجل ترقيتهم، أو توظيفهم، أو اختيارهم.
أما الأشخاص الواثقون بأنفسهم فيعرفون أن الإنسان بإمكانه الوصول إلى شيء يريد. يمكنه التواصل مع أي شخص عبر وسائل التواصل الاجتماعي (فكل شخص تعرفه يعرف شخصاً أنت بحاجة لمعرفته). يعرفون أن باستطاعتهم الوصول لمصادر التمويل، وصنع منتجاتهم، وبناء علاقاتهم وشبكات معارفهم، واختيار الطريق الذي يناسبهم.
كل ذلك يتم بهدوء، دون جلبة أو ضوضاء، تراهم يذهبون للقيام بما عليهم.
6. لا يخذلون الآخرين:
بشكل عام، الأشخاص الذين يغتابون الآخرين يفعلون ذلك بغية إظهار أنهم أفضل منهم.
المقارنة الوحيدة التي يقوم بها الشخص الواثق هي مع نفسه: الشخص الذي كانه في الأمس، مع الشخص الذي يتمنى أن يصبح في الغد.
7. لا يخشون أن يبدو مثيرين للضحك:
هناك أمور من غير المقبول عملها طبعاً، ولكن عندما تتحلى بالثقة الكاملة عندها لا يهمك أن تظهر بين الحين والآخر في أوضاع لا تبدو فيها بأفضل حال.
(قد يبدو الأمر غريباً، ولكن الناس قد يحترمونك لذلك.)
8. لايتهربون من أخطائهم:
غياب الثقة تولد التصنّع أما الثقة فتولّد الصدق والأمانة.
لذا فإن الواثقين يعترفون بأخطائهم وبكل شجاعة. فهم يخرجون لتناول العشاء حتى لو لم يكن يومهم جيداً. ولا يمانعون أن يستخدمهم الآخرين كمثال تحذيري للآخرين.
ولا يُمانعون أن يكونوا مصدراً لضحك الآخرين. لأنهم يعلمون أنه عندما يكونون أصيلين، ولا يمثلون دور شخص آخر، فإن الناس لا يضحكون عليهم بل يضحكون معهم.
9. لا يبحثون عن تزكية إلا من الأشخاص المهمين فعلاً:
أنت تقول أن لديك 10,000 متابع على تويتر و 20,000 صديق على الفيسبوك, وتفتخر بشبكة من مئات أو آلاف الأصدقاء .
ولكن المقارنة لا تتم بالكم و إنما بالنوع، فكل ما تحتاجه هو الحصول على ثقة واحترام الأشخاص المهمين حقاً في حياتك.
عندما تحصل على احترامهم، لا يهمك أين تذهب أو ما تحاول فعله، لأنك على ثقة بأن هؤلاء الناس الذي يهمونك سيدعمونك وسيكونون وراءك.
المصدر: مشابك