كتبت بيريت بروجارد، مديرة معمل بروجارد لأبحاث الحواس في جامعة ميامي، مقالًا نشر في موقع «Psychology Today» تفسر فيه كيف نصبح مهووسين بأشخاص لا يريدون الارتباط بنا، وتقول في مقدمة مقالها: «بالنسبة للبعض، يكون الأشخاص المعجبون بهم أكثر قيمة إذا ما داموا بعيدي المنال».
وأشارت بروجارد أن في مقالها تخص النساء مغايرات الجنس –يفضلن الجنس الآخر– ولكنها تناقش الرجال بأنواعهم من مغايري الجنس، وغير متبايني الجنس –يفضلون الرجال-.
وتقول الباحثة إن الكثير من النساء مررن بالسيناريو ذاته تقريبًا: إذ هناك رجل لطيف وطيب ومثير وذكي وغير مرتبط بأخرى، بل ومهتم بالدخول في علاقة معها. لكن المشكلة الوحيدة هو أنها غير معجبة به إلى حد كبير، وعلى الجانب الآخر هناك رجل غير مناسب تفكر فيه على الدوام.
وعلى غرار الرجل اللطيف، فإن الرجل غير المناسب أيضًا لديه مميزات، ولكنه إما أن يكون مرتبطًا بأخرى، أو أنه لا يريد الارتباط بتلك المرأة التي تفكر فيه على الدوام، لأنه لا يفكر فيها بالقدر ذاته. وعلى رغم رفضه المستمر لها، إلا أنها لا تستطيع سوى التفكير فيه، وكلما زاد رفضه، أرادته هي بشدة.
وتتساءل: «لماذا نطور إذًا هذه العادة السيئة إذ نحتاج إلى ما لا نستطيع الحصول عليه؟ ولماذا لا نريد ما نستطيع الحصول عليه؟»، وتضيف بروجارد: «يبدو أننا في مناطق أخرى في الحياة نستطيع توجيه اهتماماتنا وتعديلها لتصبح مناسبة للموقف الذي نحن فيه. فمثلًا قد يكون راودك من قبل حلم أن تصبح نجمًا في هوليوود، لكنك قررت ترك الحلم بمجرد أن علمت بعدم قدرتك على التمثيل»، وتعود الباحثة لتتساءل: «لماذا لا نغادر الأشخاص الذينيرفضوننا باستمرار؟».
وتشير بروجارد في مقالها إلى دراسة أجرتها هيلين فيشر وزملاؤها لبيان سبب تعلقنا بأشخاص رفضونا عاطفيًّا، وبحسب الدراسة فإن هذا النوع من الرفض يحفز أجزاءً من الدماغ مرتبطة بالتحفيز، والمكافأة، والإدمان، والحنين. ولاحظ فريق هيلين باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي دماغ 15 شابًا وشابة في عمر الجامعة، ممن رفضوا عاطفيًّا من قبل أشخاص في وقت قريب، ومع ذلك ظلوا متعلقين بهم.
وخلال الأشعة اطّلع المشاركون على صورة للشخص الذي رفضهم عاطفيًّا، ثم طُلب منهم إتمام مسألة حسابية، مثل العد تنازليًّا بنسبة 7 بدءًا من الرقم 4529. والغرض من هذه المسألة هو تشتيت تفكير المشاركين عن أفكارهم العاطفية. وفي النهاية، يطلعهم الباحثون على صورة لشخص مألوف بالنسبة لهم، لا يملكون أية أفكار رومانسية عنه.
واكتشف فريق الباحثين أن دماغ المشاركين حينما يطلعون على صورة من رفض مشاعرهم، تكون المناطق الأكثر نشاطًا فيها هي تلك المرتبطة بالتحفيز، والمكافأة، والحنين، والإدمان، والألم العضلي، والحزن، ولكنها ليست بالنشاط ذاته عندما ينظرون إلى شخص مألوف لا تربطهم به مشاعر رومانسية.
كما أظهرت الدراسة، التي نشرت في «Journal of Neurophysiology» عام 2010، أن الأشخاص في مثل تلك المواقف هم يعانون في الحقيقة من إدمان المخدرات، والمخدر هو ذلك الإنسان الذي رفضهم عاطفيًّا، ولكن النتائج لم تقدم تفسيرًا لماذا بالأساس تكون استجابتنا للرفض العاطفي على هذا النحو؟ ولا تجيب أيضًا على كيفية تطويرنا هذه النزعة السيئة التي تجعلنا نريد أشخاصًا لا يمكننا الحصول عليهم.
وتقول بروجارد إن البعض قد يظن أنها مسألة حزن وكسر للخواطر، لكن ذلك لا يمكن أن يكون الجواب الكامل، لأنه في بعض الحالات لا تكون هناك خسارة يمكننا أن نحزن عليها، حيث نكون غارقين في حب شخص لا يريدنا من الأساس، ولم يكن يريدنا يومًا ما، ومع ذلك يكون الأمر مؤلمًا، وكأن هذا الشخص كانت تربطنا به علاقة وأقدم على إنهائها.
وفي نهاية مقالها، أشارت الباحثة إلى مقال آخر ناقشت فيه جزئية ألم الرفض الذي نشعره عندما يكون حبنا لا مردود له، إذ قالت بروجارد إن سبب ذلك يعود إلى تنافر تطوري من الرفض الاجتماعي، مرتبط بوصمة عار اجتماعية سببها انفصال أو طلاق، وتختم الباحثة: «لكن ذلك أيضًا لا يفسر لماذا غالبًا نريد فقط هؤلاء الأفراد الذين لا يمكننا الحصول عليهم».
المصدر: ساسة بوست