معلومات ربما لا تعرفها عن بدايات الحياة على كوكب الأرض (الجزء الثاني)
ولم تحظ أية واحدة من هذه المخلوقات بضخامة الحجم وأكبرها صنف من العقارب البحرية كان طوله تسعة أقدام، وليس هناك أي دليل يشهد على وجود أي نوع من الحياة في البر نباتية كانت أو حيوانية، ولا يحتوي هذا الجزء من السجل على أسماك ولا كائنات فقارية. وجميع النباتات والكائنات التي تخلفت لنا بقاياها عن تلك المدة من تاريخ الأرض، ليست بالضرورة إلا كائنات مياه ضحلة أو مياه المناطق التي يتعاورها المد والجزر. وإذا شئنا أن نجد في العالم اليوم شبيها لنبات أو حيوان الصخور المتكونة في الزمن الجيولوجي (الباليوزوي)السفلي العتيق، لوجدناه على أحسن صورة من كل النواحي إلا في الحجم في قطرة من الماء نأخذها من بركة صخرية أو حفرة مزبدة آسنة، ثم نتفصحها تحت الميكروسكوب، فما نجده هناك من القشريات والسمك المحاري الضئيل والحيوانات النباتية والطحالب يكون ذا شبه أخاذ بتلك الأصناف الأولى الفجيجة. الأكبر حجما التي كانت دوما في يوم من الأيام أسمى ما بلغته الحياة على كوكبنا الأرض.
ومع ذلك فمن الخير أن نتذكر أنه يحتمل أن صخور الزمن الباليوزوي السفلي قد لا تزودنا بشيء ما يمثل أو بدايات الحياة على كوكبنا. فإذا لم يكن للمخلوق عظام أو أجزاء أخرى صلبة. وإذا لم يكن مكتسيا بقشرة صدفية أو ذا حجم كبير واف وثقل كاف ليطبع على الطين آثارا بارزة للأقدام والدروب المطروقة، فمن غير المحتمل تخلف آثار حفرية بعده تدل على وجوده. ويوجد في العالم اليوم مئات الآلاف من أنواع المخلوقات الصغيرة الهشة الأجسام التي لا يتصور عقل إمكان تركها أي أثر يطوع لجيولوجي الغد العثور عليه. ولعل الماضي السحيق لهذا العالم كان يعج بملايين الملايين من أنواع تلك المخلوقات التي عاشت وتكاثرت وازدهرت ثم بادت من غير أن تترك أدنى أثر لها. وربما كانت مياه البحار والبحيرات الدفيئة الضحلة في ذلك الزمن، المسمى بالأزوي Azoic زاخرة بعينات لا آخر لها من أنواع الكائنات الدنيئة، شبه الهلامية، والمجردة من الأصداف والعظام، وعينات أخرى لا حصر لها من النباتات الرغوية منتشرة فوق الصخور والشواطئ المعرضة للمدة والجزر والمغمورة بضياء الشمس.
ولم يصل السجل الصخري للحياة الغابرة إلى درجة الكمال، مثله في ذلك مثل دفاتر أحد المصارف من حيث عدم وفائها بحصر كل فرد بالمنطقة المجاورة للمصرف، ولا يتيسر لأي نوع من الأنواع أن ينطبع على السجل حتى يأخذ في تكوين محارة أو شويكة أو درقة أو جذع متكلس، يحفظه على هذه الصورة للمستقبل. على أنه يحدث أحيانا أن يوجد الجرافيت في صخور سابقة في عصرها على تلك التي تحمل آثار الحفريات، والجرافيت الذي يسمى عادة باسم الرصاص الأسود (صورة من الكربون غير المركب) ويرى بعض الثقات أنه ربما فصله عن مركباته النشاط الحيوي لكائنات حية مجهولة.
المصدر: كتاب موجز تاريخ العالم لـ ويلز