أنا عالم كمبيوتر ألفي* ومؤلف كُتب، ولم يسبق لي أن فتحت حسابا في وسائل التواصل الاجتماعي أبدا. حدث ذلك في الحقيقة بشكل عشوائي عندما كنت أدرس في السنة الجامعية الثانية عندما وصل الفيسبوك في ذلك الوقت الى حرمنا الجامعي وهو الوقت الذي تبع مباشرة سقوط ما يعرف بفقاعة الانترنت (التي حدثت بين عامي 1999 و2001) وكنت في تلك الفترة أدير تجارة صغيرة خاصة بي في غرفتي الجامعية وكان علي أن أغلقها اثر ذلك السقوط وفجأة ظهر شاب صغير يسمى مارك زوكربرج من جامعة هارفارد مُطْلِقا منتجه المسمى فيسبوك، وتحمس الناس حوله وبسبب نوبة انتابتني من الغيرة المهنية غير الناضجة قلت لن أقوم باستخدام برنامجه، ولن أساعد تجارة هذا الولد أن تكبر مهما كلف الأمر، ولكن شيئا فشيئا بدأ الموقع ينتشر وبدأ الناس يلتصقون به التصاقا شديدا، لكن الوضوح الذي يمكن أن تحصل عليه عندما يكون لك بعض الموضوعية في رؤية الأمور وبعض من وجهة النظر حيالها، أدركت أن ذلك الأمر يبدو خطيرا نوعا ما فلم أسجل فيه حسابا أبدا منذ ذلك الحين.
وأنا هنا أقف أمامكم وهدفي أن أوصل رسالتين، الأولى هي على الرغم من أنني لم يسبق لي أن كان عندي حساب تواصل اجتماعي، فأنا بحال ممتاز فلا تقلقو علي, فلازلت أمتلك أصدقاء, لازلت أعرف مالذي يجري في العالم من حولي، وكعالم كمبيوتر، لازلت قادرا على التواصل والتعاون مع كل المتخصصين حول العالم ولازلت أتعرض بشكل مستمر للأفكار الابداعية والمتميزة, ولا أصف نفسي بأنني أفتقر الى خيارات ترفيهية الا بشكل نادر. إذا فأنا بحال جيد، ولكن سأذهب الى أبعد من هذا لأقول أن حالي في حقيقة الأمر أفضل حالا من دونه. أعتقد أنني أكثر سعادة، وأجد استقرارا أكثر في حياتي، وأعتقد أنني من الناحية المهنية أكثر نجاحا لأنني لا أستخدم وسائل التواصل الاجتماعي. وهدفي الثاني هنا على المنصة هو أن أقنع أكثر عدد ممكن منكم بذات الأمر. وأعتقد أنني ان استطعت اقناعكم بذلك، فستصبح حياتكم أفضل أيضا. وأتمنى أن يصبح عدد من يستخدم وسائل التواصل في المستقبل أقل ممن يستخدمونها اليوم. وحيث أن ذلك ادعاء وتأميل كبير، فيجب علي أن أدعمه بحقائق. فما أنا مقدم عليه هو أنني سأسرد الشبهات أو الشواغل الثلاثة الأكثر التي يفكر فيها الناس عندما أعرض عليهم فكرة ترك وسائل التواصل الاجتماعي وفي كل واحدة منها سأحاول أن أنزع فتيل الضجة التي تشكلها في عقولهم وأدفع بعضا من الحقيقة مكانها.
إذا فالشاغل الأول الذي أسمعه من الناس عندما أقترح عليهم ترك وسائل التواصل الاجتماعي (أنظر صورة الرجل في الغابة):
الرجل الذي تراه في الصورة هو في الحقيقة ليس راهبا، لا، وانما رجل يحب موسيقى الجاز ويعمل في تصميم المواقع الالكترونية، نعم فأحيانا من الصعب أن تميز بين الراهب ومطور المواقع [ضحكات من الحاضرين]
إذا فهذا الشاغل يقول أن وسائل التواصل الاجتماعي هي واحدة من أهم التقنيات الأساسية للقرن الواحد والعشرين، وأن ترفض وسائل التواصل الاجتماعي يعني أنك تفكر بطريقة جاهلية شديدة، مثل أن تذهب للعمل على حصان أو تستعمل الهاتف الدوار القديم، شخصيا لا أستطيع أن أتخذ مثل هذا الموقف الكبير في حياتي. وردة فعلي حول تلك الشبهة هي أنها: كلام فارغ وحماقة. وسائل التواصل الاجتماعي ليست تقنية أساسية وانما تستفيد من بعض التقنيات الأساسية في أداء عملها، والصحيح أن نفهمها بأنها مثل هذه ( أنظر صورة آلة لعب القمار ):
ما يعني أنه يمكننا القول بأنها مصدر من مصادر الترفيه، أي عبارة عن منتج ترفيهي. فالطريقة التي ينشئ بها المتخصصون وسائل التواصل الاجتماعي هي ذلك أن هذه الشركات تقدم لك هدايا أو متعا لامعة براقة مقابل دقائق من انتباهك وقضمات من بياناتك الشخصية والتي بعد ذلك تتم تعبئتها مع بعضها، ومن ثم بيعها. إذا فالقول بأنك لا تستعمل وسائل التواصل الاجتماعي لا ينبغي أن يكون بمثابة موقف اجتماعي كبير وانما مجرد رفض أحد أنواع الترفيه والاستفادة من أنواع ترفيه أخرى ولا يجدر أن يكون قول هذا أكثر جدلا من قول مثلا، لا أحب أن آخذ أخباري من الصحفnewspapers وإنما أحب أخذها من المجلات، أو القول مثلا أنك تفضل مشاهدة قنوات الاشتراك المدفوع بدلا من شبكة التلفزيون المفتوحة، فليس الأمر بمثابة موقف اجتماعي أو سياسي كبير أن تقول أنك لا تستخدم ذلك المنتج. وكما ترى فقد استخدمت صورة آلة لعب القمار هنا ليس من قبيل الصدفة، لأنك اذا نظرت بشكل أكثر قربا لهذه التقنيات “وسائل التواصل الاجتماعي” فإنك لا تجدها فقط مجرد مصدر من مصادر الترفيه ولكن بشكل ما مصدرا “تافها بغيضا” من مصادر الترفيه، ونحن نعرف الآن أن الكثير من شركات التواصل الاجتماعي الكبيرة توظف أفرادا يعرفون باسم “مهندسي الانتباه “attention engineers ، وهم يستعيرون مبادئا principles من كازينوهات القمار في لاس فيغاس وأماكن أخرى ليحاولو جعل هذه المنتجات “أي وسائل التواصل الاجتماعي” ادمانية بأقصى قدر ممكن، فالاستخدام المرغوب المرجو من قبلهم لهذه المنتجات هو أن تستخدمها بنمط ادماني لأنه يزيد الربح، الربح الذي يمكنهم نزعه من انتباهك المشتت وبياناتك، إذا فهي ليست تقنية أساسية وانما مجرد مصدر من مصادر الترفيه من بين مصادر كثيرة أخرى، بل ومصدر تافه بغيض ان نظرت اليه بشكل أكثر قربا.
والشاغل أو الشبهة الثانية التي دائما ما أسمعها عندما أقترح أن يترك الناس وسائل التواصل الاجتماعي هي: لا أستطيع أن أترك وسائل التواصل الاجتماعي لأنها مهمة جدا لنجاحي في عصرنا، في اقتصاد القرن الواحد والعشرين، ثم يضيف وإذا لم يكن لدي علامة اجتماعية قوية ومتابعة كبيرة هناك ( أنظر صورة الطفل المكتوب عليها بالانجليزية crushing it، وتعني – سأسحقها، أي أنه سيسحق العواقب التي تقف أمام نجاحه بسهولة أكبر بهذه الوسائل -،
فإن الناس لن يعرفو من أنا، ولن يكونو قادرين على إيجادي، ولن تأتي الفرص في طريقي، وسوف أختفي وتكون نهايتي. وردة فعلي مرة أخرى لهذه الشبهة هي أنها: كلام فارغ وحماقة. قمت في الفترة الاخيرة بنشر كتاب جديد لي يبني فلسفته في أهمية ترك هذه الوسائل على أدلة من زوايا متعددة، للتأكيد على أنه في اقتصاد القرن الواحد والعشرين الشيء الذي يكون له قيمة في السوق هو القدرة على انتاج اشياء استثنائية وذو قيمة، فإذا أنتجت شيئا استثنائيا ومهما فالسوق سيهتم بذلك، والذي يرفضه السوق في الجزء الأكبر هو نشاطاتنا التي يكون من السهولة تكرارها والتي تنتج كمية قليلة من الأهمية، فالذي تنتجه وسائل التواصل الاجتماعي هو صورة مثالية لنشاط من السهل تكراره وذلك أمر لا ينتج الكثير من الأهمية، شيء يمكن أن يفعله أي ولد يبلغ من العمر 16 عاما بهاتفه الذكي. بشكل أدق، السوق لن يعطي الكثير من الأهمية لمثل هذه السلوكيات و بدلا من ذلك نجد أن السوق سوف يكافئ العمل ذي التركيز العميق اللازم لبناء مهارات حقيقية وبتطبيق هذه المهارات لإنتاج أشياء كما يفعل الحرفي craftsman ، أشياء استثنائية وذي قيمة مهمة. واذا ما عرضنا الأمر بشكل آخر فإننا نقول اذا كنت قادرا على أن تكتب خوارزمية راقية، واذا كنت قادرا على كتابة مذكرة قانونية يمكنها أن تغير حالة case، واذا كنت قادرا على أن تنظر في بحر من الأكواد ثم تطبق عليه علم الاحصاء وتستخرج منه رؤى بامكانها أن تغير استراتيجية عمل كاملة، فإذا كنت قادرا على القيام بهذا النوع من الأعمال التي تتطلب عملا عميقا وتؤدي الى نتائج استثنائية وذو قيمة مهمة، فإن الناس سيبحثون عنك ويجدونك، ستكون قادرا على كتابة تذكرتك الخاصة، ستكون قادرا على ملئ قاعدة الحياة بالمهنية الناجحة والهادفة بغض النظر عن كم لديك من المتابعين على الانستجرام instagram .
أما الشبهة الثالثة والتي دائما ما أسمعها عندما اقترح على الناس أن يتركو وسائل التواصل الاجتماعي والتي قد تكون من أهم الشواغل التي ينبغي الاجابة عليها تقول: دكتور كال أنا أتفق معك، ربما وسائل التواصل ليست تقنية أساسية وربما استخدامها لا يعد في قلب وصميم نجاحي المهني ولكن أتعرف ماذا! هي ليست ضارة وأجد بعض اللهو فيها، وأعتقد أن تويتر مُسَل، وحتى أنني لا أستخدمه بتلك الكثرة، واستخدامه ممتع مشوق، وربما سيفوتني شيء ما اذا لم أستخدمه فمالمشكلة في ذلك؟!
إذن أجد نفسي أنظر مرة أخرى الى الخلف وأقول مرة أخرى أيضا هذه الشبهة: كلام فارغ وحماقة. في هذه الحالة يفوت قائل هذا الشاغل أمر أعتقد أنه حقيقة مهمة جدا يجب أن نتكلم عنها ونوضحها بكل صراحة وهي: أن وسائل التواصل الاجتماعي تأتي معها أضرارا بليغة موثقة علميا والحقيقة هي أنه علينا أن نواجه هذه الأضرار بكل شجاعة عند تقريرنا اذا ما كنا سنستخدم هذه التقنية من عدمها وندعها تدخل الى حياتنا. إذن فواحدة من هذه الأضرار التي نعلم أن هذه التقنية تأتي بها تتعلق بنجاحك المهني. وهو ما ناقشته قبل قليل، القدرة على التركيز بشكل حسن لانتاج أشياء استثنائية ومهمة من شأنها صقل مهارات في السوق، تمكن من إحداث فرق في اقتصادنا. ولكن قبل ذلك كنت قد ناقشت بأن وسائل التواصل الاجتماعي صُممت لتكون ادمانية، فحالة الاستخدام المرغوب المرجو لهذه الأدوات هو أن تشظئ أو تجزئ انتباهك بأقصى قدر ممكن طوال ساعات استيقاظك اليومية،
وتلك هي الطريقة التي صممت بها هذه الأدوات ليقوم الناس باستخدامها بتلك الطريقة. الكمية المتزايدة من البحوث التي تخلص الى نفس النتائج تخبرنا أنك اذا قضيت أجزاءا كبيرة من وقتك في حالة الانتباه المتشظي a state of fragmented attention، بمعنى أنك في أجزاء كبيرة من يومك تقوم وبشكل مستمر بكسر انتباهك لتأخذ لمحة سريعة لتفحص أو تحقق أو تُشَيك فقط بسرعة على حسابك في انستجرام أو غيرها، يمكن لهذا أن ينقص من قدرتك على التركيز بشكل دائم على نحو باق ( مزمن ) أو بمعنى آخر بفعلك ذلك فإنك تنقص من قدرتك على التركيز بشكل مستمر على نحو باق ( مزمن ) لتقوم بنوع الجهد العميق الذي نجد في كل يوم أنه ضروري أكثر وأكثر في اقتصاد تنافسي بشكل متزايد. إذا فليس صحيح أن وسائل التواصل الاجتماعي غير مضرة، وانما لها تأثير سلبي ضخم على قدرتك لتنجح وتنمو في هذا الاقتصاد.
وأنا قلق بشكل خاص حيال هذا الأمر، نرى الجيل القادم يكبر شيئا فشيئا أمام أعيننا وهو الأكثر انغماسا في هذه التقنية. خسارتك قدرتك على الحفاظ على تركيزك، سيجعلك تصبح شيئا فشيئا أقل صلة باقتصاد عصرنا وبالنجاح بشكل عام. وهناك أيضا أضرار نفسية تأتي بها وسائل التواصل الاجتماعي في جعبتها نحن في حاجة لتسليط الضوء عليها. نعرف من البحوث العلمية أنك كلما استعملت وسائل التواصل الاجتماعي أكثر كلما شعرت بالوحدة وبالعزلة أكثر، ونعلم أن التعرض المستمر برؤيتك لحياة أصدقائك بعناية تخلق تصورات ايجابية وهمية لحياتهم في عينيك، بامكانها أن تجعلك تشعر بأنك غير ملائم أو غير مؤهل أو غير ناجح، وذلك من شأنه أن يزيد نسبة اكتئابك، وأمر آخر ربما سنصبح نسمعه بشكل أكثر في المستقبل القريب هو أن هناك عدم تطابق أساسي -بين الطريقة المصممة بها عقولنا وهذا السلوك من تقديم المكافئات المتقطعة لنفسك طوال ساعات استيقاظك ( مثال على ذلك الاعجابات)-، أن تقضي بعض الساعات أمام آلة لعب القمار في لاس فيغاس هو شيء، وأن تحضر تلك الآلة معك للبيت وتصبح تسحب مقبض الآلة تلعب القمار منذ أن تستيقظ صباحا وحتى تذهب الى فراشك لتنام ليلا هو شيء آخر. نحن لسنا مصممين بتلك الطريقة، ونجد أن ذلك يقصر ويعطل دوائر الدماغ short-circuitsوالبحوث اليوم تخبرنا أن لذلك نتائج وعواقب حقيقية، واحدة منها ما يعرف بهمهمة تفشي القلق الخلفية pervasive background hum of anxiety.
ونرى أن الكناري في منجم الفحم** لهذه المشكلة هو الجامعات. اذا تكلمت مع خبراء في الصحة النفسية في الجامعات فسيخبرونك بالآتي: ارتفاع استخدام الهواتف الذكية في كل مكان جنبا الى جنب مع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي جاء انفجار الاضطرابات المرتبطة بالقلق المرضي حول الطلاب، ولذلك فهم الكناري في منجم الفحم. ببساطة، هذا النوع من السلوك غير متطابق مع أسلاك دماغنا، وهو الذي يجعلك تشعر بالبؤس.
اذا فهناك ثمن حقيقي لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ما يعني أنه عليك تقرير اذا ما كان ينبغي عليك استخدامها من عدمه، القول بأنها ضارة فقط ليس كافيا! عليك أن تحدد فائدة كبيرة وواضحة وايجابية بامكانها أن تفوق وزنا هذه الأضرار المحتملة التي لا تعد أضرار بسيطة أبدا.
الناس بعد أن يصبحو على معرفة بذلك تجدهم كثيرا ما يسألون: حسنا، كيف تبدو الحياة دون وسائل التواصل الاجتماعي، أليس حتى التفكير فقط في ذلك أمرا مخيفا؟
الذي رأيته من أناس أعرفهم مرو خلال هذه العملية –عملية مغادرة وسائل التواصل-، أنه يمكن أن يكون هناك بضعة أسابيع صعبة على المستخدم، والأمر في الواقع مثل عملية التخلص من السموم. فمن الممكن أن يكون الأسبوعين الأولين غير مريحيْن, تشعر بأنك قلق قليلا، تشعر كأنك تفتقد أحد أطرافك. ولكن بعد ذلك تبدأ الأمور في الاستقرار وتصبح تشعر بحقيقة أن الحياة بعد وسائل التواصل الاجتماعي ايجابية جدا.
هناك شيئين يمكنني أن أرويهما لك من العالم الذي ليس فيه وسائل تواصل اجتماعي. الأول، ستكون مُنتِجا جدا. وأنا أمامك بروفيسور في مؤسسة بحثية، استطعت تأليف 5 كتب. نادرا ما أعمل بعد الخامسة مساءا في أيام الأسبوع العادية ( لا أيام عطل الأسبوع). والذي يجعلني قادرا على القيام بذلك هو ما اتضح لي بأنك اذا عاملت انتباهك بكل احترام، بمعنى أنك لا تُشظيه, فإنك تسمح له بالبقاء كله، فتحفظ بذلك قدرتك على التركيز وعندما يأتي الوقت للعمل فإنك تجد نفسك تقوم بالأشياء واحدة بعد الأخرى، وتقوم بها بتركيز كثيف intense concentration. وهذا الوقت الذي يمر من حياتنا لا تعادله غير هذه الكثافة. سيكون مفاجئا أن ترى ما يمكنك فعله خلال 8 ساعات من العمل اذا كنت قادرا أن تعطي كل شيء واحدا بعد آخر تركيزا كثيفا تاما.
أمر آخر يمكنني أن أرويه لك من حياة دون وسائل تواصل اجتماعي هو أنه خارج العمل، يمكن أن أن تكون الأشياء هادئة مطمئنة جدا. لذلك تجدني كثيرا ما أمزح بقولي أنني سأكون مرتاحا جدا اذا ما كنت فلاحا في الثلاثينيات من القرن العشرين s1930، لأنك اذا نظرت الى وقت فراغي فستجد أنني أقرأ الجريدة وقت شروق الشمس، وأستمع الى لعبة البيسبول على الراديو، وأجلس جلوس “الصادق” على كرسيي المصنوع من الجلد أقرأ الكتب الورقية في الليل بعد أن يذهب أبنائي الى السرير. قد يبدو ذلك من الطراز القديم، لكن دعني أخبرك أن أولئك القدماء كانو على شيء في ذلك الوقت. والأمر أيضا طريقة منعشة سلمية تقضي بها وقتك. ولاتجد لديك في العمل تلك الهمهمات المحفَزة المستمرة والهمهمة الخلفية للقلق المرضي الذي يأتي معه.
إذا الحياة دون وسائل التواصل الاجتماعي ليست حقا سيئة للغاية كما يصفها البعض. وبوضعنا النقاط على الحروف الآن، تستطيع أن ترى كامل حجتي لماذا أعتقد أنه ليس كل أحد ولكن دون شك أناس أكثر بكثير من الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي الآن، ينبغي أن لا يكونون يستخدمونها. وذلك لأننا وضحنا أولا |نُلخص| وأزلنا الشواغل الرئيسية التي تدخل وتشوش على عقلنا بأنه -بطريقة ما أو بأخرى- وسائل التواصل الاجتماعي تقنية أساسية يجب أن نستخدمها، وقلنا أنه كلام فارغ أحمق، وانما هي آلة شقبية في هاتفك مثل آلة لعب القمار. ثم أزلنا الشاغل الآخر فكرة أنك لن تحصل على وظيفة اذا لم تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، وقلنا أنه كلام فارغ أحمق أيضا. فأي شيء يمكن لطفل يبلغ من العمر 6 أعوام القيام به بهاتف ذكي، لن يكون الشيء الذي يقوم السوق بمكافأته، أو باعطائه أهمية.
وثم فإنني أؤكد نقطة أن هناك أضرارا حقيقية باستخدامها. اذا فالأمر ليس أنها وسائل غير مضرة بامكانك استخدامها أو عدم استخدامها، ولكن يجب عليك أن تمتلك فائدة كبيرة حقا وليس ايهاما للنفس تجعلك تفكر في أمر عدم التخلي عنها وأن فعل ذلك لا يستحق. وأخيرا ذكرت أن للحياة بدون وسائل التواصل الاجتماعي ايجابيات حقيقية مرتبطة بذلك الفعل.
وأنا آمل أنه عندما يقوم أكثركم بعمل نفس الحسابات التي قمت بها، التفاضلية والتكاملية بالنظر في استخدامها، فأن تتأملو على الأقل وجهة النظر التي قدمتها أمامكم والتي أعتقد أن عددا كبيرا من الناس كان سيكون حالهم أفضل اذا لم يستخدموها وسيكون حالهم أفضل اذا لم يستمرو في استخدامها. وبدون شك بعضكم قد يختلف معي، وبعضكم قد يوجه لي انتقادات لاذعة لكنها دقيقة. وما أود قوله هنا هو أنني أرحب بكل ردود الفعل السلبية تجاه ما قلت ولكنني أطلب منكم أن توجهوها اليْ عبر تويتر [قالها مازحا، وتبعتها ضحكات من الجمهور]
شكرا لكم
*( أي وصل الى مرحلة شبابه في مرحلة الألفينيات عام 2000 ومابعد).
**( مثل أمريكي يقصد به المكان الأكثر حساسية وتأثرا).
المصدر: موقع حكمة