يستخدم مصطلحا اليمين و اليسار كوسيلة مختصرة لوصف الأفكار والمعتقدات السياسية والمواقف الأيديولوجية للسياسيين والأحزاب والحركات السياسية المختلفة. وعادة ما يتم التعامل مع اليمين واليسار بوصفهما يعبران عن القطبين أو اللونين الرئيسيين للطيف السياسي، وهو ما يمكِّن المحللين من الإشارة إلى ” يسار الوسط centre – left و” أقصى اليمين far right””وهكذا .. و يُعد التمثيل الخطي للمجال السياسي من اليمين إلى اليسار إحدى أكثر التطبيقات انتشاراً لمفهومي اليمين واليسار ، حيث تقع في أقصى اليمين الخط المتصل الفاشية ، و الأيديولوجية المحافظة ، ثم الليبرالية ، ثم إلى اليسار تقع الاشتراكية و الشيوعية إلا أنه ينبغي إدراك عدم وجود معنى محدد لمفهومي اليمين واليسار ؛ فالطيف السياسي- في معناه الضيق- يلخص التوجهات المختلفة تجاه الاقتصاد ودور الدولة:حيث تؤيد الرؤى اليسارية تدخل الدولة والمذهب الجماعي ، بينما تفضل الرؤى اليمينية آليات السوق والمذهب الفردي.
لكن يفترض أن يعكس هذا التميز اختلافات قيمية وأيديولوجية أكثر عمقاً وإن لم تكن محددة على نحو واضح فثمة أفكار ذات طابع يساري مثل الحرية، المساواة، الإخاء، و الحقوق، والتقدمية، والإصلاح، والعالمية.بينما تعتبر أفكار أخرى أكثر ارتباطاً باليمين مثل السلطة والهيراركية والنظام الواجب والتقاليد والرجعية والقومية.وفي بعض الأحيان، يستخدم مصطلحا اليمين واليسار للإشارة إلى تجمعات من الأفراد أو الجماعات والأحزاب التي يربط فيما بينها تشاركها في مواقف أيديولوجية متشابهة تقسيم للتيارات السياسية في المجتمع يشير ضمنه مصطلح (اليمين) إلى القوى المحافظة التي ترفض تغيير النظام السياسي والاجتماعي وتعمل على المحافظة على الأوضاع السائدة , بينما يشير مصطلح (اليسار) إلى القوى التي تنادي بتغيير الواقع السياسي والاجتماعي .وبين قوى اليمين واليسار تقع قوى الوسط التي تنادي بالإصلاحات التدريجية للنظام السياسي والاجتماعي .بدأ اول استخدام لهذه المصطلحات الثلاثة في أعقاب قيام الثورة الفرنسية في 1789م .واكتسب كل منها معناه الاصطلاحي من المواقع التي جلس فيها ممثلو القوى الاجتماعية والسياسية داخل الجمعية الوطنية ( البرلمان ) التي تشكلت بعد الثورة . فقد جلس المحافظون الذين كانوايمثلون النبلاء ورجال الدين على يمين منصة المجلس فتم تسميتهم باليمينين . فيما جلس المنادون بتغيير النظام الملكي وإدخال إصلاحات جذرية على النظام على يسار المجلس فسموا باليساريين .لاحقا ومع ظهور جماعات سياسية جديدة انبثقت مسميات جديدة من مثل يمين متطرف ويسار متطرف , ويمين الوسط ويسار الوسط , وضمن هذه الاشتقاقات تم تصنيف القوى العنصرية كقوى يمين متطرف , فيما تم اعتبار الاحزاب الشيوعية ضمن قوى اليسار المتطرف . وصار مصطلح يسار الوسط يشير للأحزاب الشيوعية الديمقراطية .فيما يشير يمين الوسط للاحزاب الليبرالية والمحافظة.
إن جميع الدول الديمقراطية المستقرة في عالم اليوم تحكمها في الغالب قوى من يسار الوسط او يمين الوسط ويندر كثيرا وصول اليسار المتطرف او اليمين المتطرف الى السلطة في ظل الأنظمة الديمقراطية المستقرة , واذا حدث فانه يتم عبر تحالف هذه القوى مع أحزاب تنتمي الى تيار الوسط .وتعد دول أوروبا الغربية وخاصة منها فرنسا المكان الأكثر ملائمة لتطبيق هذه التصنيفات على القوى السياسية الموجودة فيها .وقد تقلصت في النصف الثاني من القرن العشرين الفروق بين الافكار والبر امج التي تتبناها قوى يمين الوسط ويسار الوسط في الدول الاوربية وضاقت الهوة بينهما , بسبب التغييرات التي طرات في الهيكل الاقتصادي / الاجتماعي لتلك الدول .حيث حدث تغير في نوع النشاط الاقتصادي وطبيعته واصبح قطاع الخدمات يشكل القطاع الاقتصادي الرئيسي في تلك المجتمعات ويستحوذ على اكثر من 70% من قوة العمل . الأمر الذي أدى الى اتساع كبير في حجم الطبقة الوسطى مما جعل هذه الطبقة الأكبر في المجتمع والأكثر تأثيرا في الانتخابات في تلك المجتمعات .وهو امر انعكس على خارطة الواقع السياسي وتبلور في صعود التيارات السياسية الوسطية وتضاؤل الفوارق بين برامج احزاب يمين الوسط ويسار الوسط الى حد كبير.