في كثير من الأحيان تحتاج أن تقنع الآخرين بوجهة نظرك، وإذا لم تكن لديك القدرة على الإقناع والتأثير في غيرك، ربما ضاعت فرصك في تحقيق مصلحتك الخاصة ومصلحة الآخرين أيضا، هذا المقال يساعدك في أن تكون مؤثراً بقوة في الآخرين.
هل أردت في يومٍ من الأيام أن تكون لك قوى خارقة لجعل شخصٍ يُحبك؟ وهل سئمت من التعرض لخداع الآخرين لك؟ وهل تشعر أن لا أحد يصغي إليك أو يتعاون معك؟ بل هل فكرت في فترة من الفترات أن تترقى وظيفيا، أو أن تربح تجارةً، أو أن تستأجر بيتًا بأقل سعرٍ وبكبسة زر؟ بالتاكيد! فكلها أمور يفكر بها معظم الناس، لكن من الصعب الحصول على كبسة الزر هذه، أو حتى عصا موسى.
الاستراتيجيات الخمسة التي أشار إليها مجموعة من المتخصصين في علم النفس والسلوك البشري، ومنهم «دافيد ليبرمان»، ستجعلك تغير من تفكير وسلوك الآخرين والتحكم بهم، بل سيقومون بأي شيءٍ تطلبه منهم، وحاول تطبيق هذه الإستراتيجيات بحيل مماثلة، ووسع منها أو زد عليها وفق ما تقتضيه مصلحتك وظروفك، فما بين يديك أحدث التقنيات النفسية، والإستراتيجيات السايكولوجية في التاثير على الآخرين، وسيفارقك الشعور بالضعف الى الأبد.
الاستراتيجية الأولى: اجعل أي شخص يُحبّك ويراكَ عظيمًا
«انظر بإيجابية للحياة»، فالناس تحب الأشخاص الإيجابيين رغم ظروف الحياة المزعجة، وقدّم «ابتسامتك» لهم مجانًا، و«قدّم لهم المساعدة» مجانًا أيضًا، واعمل وفق قانوني «الترابط والوئام»، بمعنى، حاول بذكاء، أن تربط الأوقات والأماكن معًا، وارفقهما بأشياء إيجابية لتظل مرتبطة بالذاكرة، واجعل الوئام والتوافق في الأحاديث والحركات والوقفات حاضرا عندك، فالناس تنجذب بشكل لا يصدق إلى الأشخاص الذين يوافقون الناس و«يشابهونهم في طريقتهم» بشكل ذكي، حتى وإن عمدت إلى ذلك.
حتى يراكَ الناسُ عظيمًا، «لاتجعل من نفسك إلهًا»، فالناس قد تنجذب مؤقتًا إلى الأشخاص الذين لايخطئون، لكنهم سرعان ما يضحكون ويسخرون منهم إذا أصبحوا أسرى لموقفٍ مُحرج، بل حاول أن تسخر من نفسك بذكاء وبطريقة لا تقلل من إحترامك لنفسك، وهيئ نفسك «لإثارة عواطف» المقابل من خلال «التحديق في العينين»، و«الموافقة في المشي والحركات والحديث»، والتحدث عن الأوقات الجميلة التي مر بها، ومجاراته في تذكرها، وحاول قدر الامكان أن تلتزم بثلاث: «التواجد» و«الرؤية» و«الشغف»، أي ألا تتواجد بكثرة، بل دع الآخرين يبحثون عنك، ووسع رؤيتك وشغفك بمن حولك، ولا تجعل تركيزك على شخص واحد، بل اجعل تركيزك موزعا على الآخرين، حتى يتمكن الآخرون من التركيز عليك.
اظهر للناس «هادئًا، واثقًا ومتحكمًا» في أي وقت، لا تقلق ولا تُظهر القلق عند مقابلتك لشخص لأول مرة، بل أبرز له كامل «الثقة والإعجاب» بكيانك وكيانه، وكلامك وكلامه، وهو نوع من فرض الإرادة على الآخر، ولا تفرط في ذلك، بل انثر بذور الإعجاب في أوقات متباعدة، ودع القليل والمهم للأزمات، والقاعدة الأهم في إقناع الناس بك في كل مجالٍ من مجالات الحياة هي «أن تجعل أي شخص ينظر إليك كالذهب الخالص»، بمعنى «أنه كلما كانت السلعة أكثر ندرة، كلما تزايدت القيمة التي يعطيها الناس لها». فالذهب والنفط والألماس هي سلع ثمينة، لماذا؟ لأنها لا تظهر ولا تتواجد بكثرة، بعكس المعادن الاخرى مثل الحديد والنحاس والفضة، فبإمكانك «جعل نفسك أكثر قيمة إذا قللت من تواجدك»، بشرط، أن تعبر مرحلة إعجاب الآخرين بك.
الإستراتيجية الثانية: لا تدع أحدًا يغشك، أو يتلاعب بك، أو يكذب عليك، أو يستغلك، مجددًا
يمكنك استخدام التقنيات التالية لمعرفة نوايا الآخرين، فمن خلال النقاط الست ستعرف ما إذا كان الشخص صديقا حقيقيا أم لا، فمن خلال «الاهتمام»، بأن تخبر صديقًا بأمرٍ مهم يدور في حياتك، ثم راقب ما إذا كان سيتصل أم لا، وهل سيتابع أو سيتذكر الموضوع، وكذلك «الولاء»، حاول أن تخبر صديقك سرًا، وراقب هل سينقل السر إلى صديقك الآخر الذي اتفقت معه من قبل، فالثقة مهمة في الصديق، أما «الاعتزاز» و «الاحترام» و «الأمانة”، فهي أساس كل علاقة ناجحة، وتجعل الآخرين يتمسكون بك كصديق مُلهمْ، اختبر الآخرين من خلال «التضحية» ولاحظ ما إذا كان الصديق يمتلك زمام المبادرة لحل مشاكلك، أم أنه سيكتفي بتخليص نفسه وحماية مصالحه.
لا تدع «الحيل السبعة» التي يمارسها بعض الأشخاص في تدميرك وجعلك تفعل ما يريدون، يجب أن تعرفها حتى تكشفها فورا وتعرف نوايا الآخرين، لأنهم بالتأكيد يريدون أن ينقلوك من التفكير المنطقي إلى التفكير العاطفي، وبالتالي دفعك إلى مجالٍ غير مجالك، وهذه الحيل التي يمارسونها عليك هي: «الذنب» مثل (كيف يمكنك أن تقول ذلك؟) أو (يؤذيني ألا تثق بي). وحيلة «الضغط» مثل (لماذا لا تستطيع أن تتخذ قرارًا؟) أو (هل أنت ضعيف وعديم الثقة؟)، وحيلة استثارة الكبرياء «الأنا»، وحيلة «الخوف» مثل (أتمنى أن تعرف ما تقوم به) أو. (هناك احتمال أن تخسر كل شيء)، وحيلة «الفضول» مثل (أنت لا تعيش سوى مرة واحدة. جرب هذا) أو(يحتمل أن يكون هذا الأمر مسليًا)، وحيلة «الحب» مثل (لو كنت تحبني لما طرحت علي هذا السؤال) أو (أنا لن أكذب عليك، وأحمل لك الخير في أعماقي)، وحيلة «رغبتنا في أن يحبنا الآخرون» مثل (سيكون إحباطا حقيقيًا إذا لم تدفع المال من أجلنا).
أمام هذه الحيل سيتوجب عليك أن تتوقف، وتعيد تقييم الرسائل من جديد. لا تتصرف بطريقة سريعة وعاطفية، حاول أن تحكم وفق المنطق.
أما إذا أردت أن تكشف عذرًا زائفا، فما عليك إلاّ أن تسأل سؤالا واحدًا، لتكتشف فيما إذا كانت رواية صديقك صحيحة أم لا، وتدعى هذه الوسيلة «بالأحجية»، حيث تنجح هذه الطريقة عندما تعرض أو تفبرك قصة صغيرة تفترض أنها قد حصلت بالفعل في رواية صديقك، وتسأله عنها، عندها ليس عليك إلا أن تجلس وتراقب ردود فعله، فإذا تردد وغير الموضوع وأعطى إجابة خاطئة على السؤال الذي افترضته، عندها فإن صديقك لا يقول الحقيقة.
اجعل الآخرين يفصحون عمّا يفكرّون به، احمل صديقك على الإعجاب بالفكرة أو بالشخص أو بشيءٍ ما. حاول أن تسأله ببساطة عن رأيه في طرق تحسين عمله، أو فكرته، أو وظيفته، اسأله عن وجهة نظره ورأيه فيما تشير إليه.
الإستراتيجية الثالثة: اجعل أي شخص يقومُ بأي شيء
لديك الفرصة كي تُحدث التغيير في أفكار أشد الناس عنادًا، من خلال مراحل تبدأ بـ «تغيير الوضع الجسدي» للشخص المعاند، هذا سيعطي فرصة لتخليصه من انغلاق الذهن، ومن ثم «قدّم معلومات إضافية» فلا يريد أحد أن يقول الناس عنه أنه شخص ضعيف، وغير رأيه من دون حيازته معلومات إضافية، وبعد ذلك اجعل الحوار والمحادثة قرب جدار مزود بمرآة، أو أية لوحة عاكسة، فالدراسات أثبتت قبولنا لآراء الآخرين حينما نكون بالقرب من مثل هذه الأشياء، أما «الإقناع المتبادل» فهي وسيلة تضع ميزانا عند الآخرين، أو وفق قانون «واحد بواحد»، أي وافقني أوافقك، ارفض طلبي، أرفض طلبك، ثم في النهاية دعه يظن بطريقة ما، بأنه مسؤول عن الفكرة.
اجعل أي شخص يأخذ بنصيحتك، «قدّم الحلول» إلى الناس واعمل على مساعدتهم على حلها، و«لا تجعل الفكرة فكرتك» بالأساس، بل حاول «أن تجعل الفكرة صادرة من الآخر»، ودع الشخص الآخر يعرف بأن «طريقة التفكير تتناسب مع ما يمثله»، من خلال تذكيره بالأشياء الأخرى التي فعلها، والتي تتوافق مع معتقداته وطبيعته، وبالمقابل فـ«الناس لا تحب أن تسمع نصيحة من الشخص الذي يعرف كل شيء»، وتذكر، أن «الحماسة معدية»، فكلما أظهرت حماسة أكبر لما تقوله، كلما زادت حماسة الطرف الاخر لسماع نصيحتك.
«جعل أي شخص يقوم بالوفاء بإلتزامه تجاهك». إن اقوى أداة نفسية تجعل أي شخص يفي بوعده هو أن تؤكد له بالقول بأنك تعتقد بأنه ذلك النوع من الأشخاص الذين يوفون بوعودهم، وحتى تجعل الشخص الآخر يفي بوعده حقًا، «احملهُ على التلفظ بالالتزام» و«ضع إطارًا زمنيا» و«طوّر شعورًا بالمسؤولية» و«ضاعف الإحساس بالضمير»، وانتظر أفضل النتائج.
الإستراتيجية الرابعة: تفوق على الآخرين في ربح أي شيء
في هذه الحياة، أنت تقود نفسك، وبالتالي يكون كل شيء بالنسبة لك معركة، ليس بالضرورة أن تكون الأفضل كي تفوز، لكن كل ما عليك فعله هو أن تقوم بالأمور المناسبة، فالأمر كله يتعلق بالتحضير الذهني من أجل الفوز. سيكون عليك أن تقسم ميادين الحرب الناجحة إلى ميدانين مختلفين: الأول هو «أنت» وهنا عليك أن تمتلك الأسرار الضرورية الكاملة لتكون محاربًا نفسيًا ناجحًا من خلال «تثبيت النجاح» من أجل تعزيز الأداء وتكييف النفس للعمل، كذلك «التركيز» و«الحالة المثالية» تجعلك في حالة إنكار الأنا والتركيز على هدفك، وسيسمح لك هذا الأمر أن تشعر بحالةٍ من عدم الاكتراث لما أنت مقدمٌ عليه، وقم بـ«مراجعة ذهنية» كمحاولة للحصول على الصورة الأفضل لأدائك، ومن ثم «كوّن لنفسك خطة رديفة على الدوام» كي تزيد من فرص نجاحك في إيجاد خطة ثانية إن لم تنجح خطتك الأصلية.
أما الميدان الثاني فهو «المعركة»، ويكمن السر هنا في استخدام علم النفس كي تضمن التفوق، يجب عليك «أن تتأكد من أنك تحارب في مجالك»، وستشعر بارتياح وسط البيئة التي تعودّت عليها، و«طوّر من أدائك في بيئتك» حتى لو كان هناك أناس يراقبونك، أو مع شخص متفوق عليك، طالما كنت في معركة فـ«الخداع والمفاجأة» مبدآن أساسيان يساعدانك على إرباك خصمك، فلا تقم بما هو غير متوقع، ولا تعط إنذارًا عند الإمكان، فستكون هذه هي اللحظة المناسبة لك لتوجيه أقسى ضربة هجومية.
إذن حاول أن تجعل مواجهتك مع خصمك في بيئة تريحك، إذا كان هذا ممكنًا، ولا تتصرف أبدًا عندما تكون تحت ضغط الخوف، بل ركز على هدفك، وليس على ذاتك، وقم بمراجعة أدائك والنتائج المرجوة ذهنيًا، واحتفظ لنفسك بخطة بديلة على الدوام، وتصرف بغير ما هو متوقع، ولا تُعطِ تحذيرات، وحاول أن تربك توازن خصمك، ويمكنك تثبيت نجاحاتك وتعزيز أدائك بحيث تكون قادرًا على الوصول إلى حالتك المثالية عندما تريد ذلك.
الإستراتيجية الخامسة: اجعل حياتك سهلة، وواجه الظروف المختلفة بثقة
كن «سهلا، واضحا، صريحا»، فعلى سبيل المثال، إذا أردت استرجاع شيءٍ أقرضته لصديق بشكل سريع، فحاول «أن تكون صريحًا» في هذه الأحيان، والأهم هو «أن تذكر سببًا لذلك وعلى الفور»، فإذا أقرضت صديقك يوما مائتي دولار، ستقول: (أحمد، أنا بحاجة الى المائتي دولار التي أقرضتك إياها الأسبوع الماضي، لأنني بحاجةٍ إلى دفع فاتورة تستحق غدًا)، فجاء هذا الطلب واضحًا وصريحًا، وفي محله، أمّا إذا كان أحمد من النوع العنيد، فيجب عليك أن تُصعّد من نبرتك، وحدّة لهجتك، وترفع من مستوى الموقف، وأخبره: (أنه لا يحب أن تراه مثلما يراه الناس، بأنه عديم الالتزام، وأنه غير قادر على أداء الأمانة)، وأخبره (أنه سيخسر صدقه وأصدقاءه إذا ما أرجع الأشياء التي استعارها).
أمّا إذا أردت أن تُحوّل شخصًا فظًا ومزعجًا إلى أفضل أصدقائك، فما عليك إلاّ أن تخبر شخصًا أو طرفًا ثالثا – وهذه بنيت على دراسات علمية ونفسية – عن صدق مشاعره، وحبه، وإحساسه بالمودة التي تجمعه به، ثم دعِ الخبر يصل إلى هذا الفظّ، وانتظر أعجب النتائج، سترى تحولا كبيرا فيه يجعله أفضل الأصدقاء، ويجعلك أنت عظيما واثقًا من نفسك.
الشائعات تتعزز وسط السرية والتكتم، بل إنّها تستمد قوتها من بيئة مظلمة ومليئة بجو من المؤامرة، فعليك أن تحارب الشائعات قبل أن تنال من سمعتك، فإذا عرفت مصدر الشائعة، فتوجه مباشرةً إلى الشخص الذي يقف وراء إطلاق الشائعات، وإذا كنت تعرفه، فدعه يعرف من تكون أنت، وأن يعرف أن هناك شخصًا حقيقيًا يتعرض للشائعات. أمّا إذا لم تعرف المصدر، وانتشرت الشائعة، فهنا عليك أن تفعل شيئًا غريبًا، فبدلًا من محاولة الإنكار أو الدفاع أو التقليل من أهمية الشائعة التي تجعلك تظهر وكأنك مّذنب، يمكنك أن «تنشر شائعة أكثر غرابة» منها، بحيث لاتغطي على الشائعة الأولى فحسب، لكنها توظفها أيضا. فعلى سبيل المثال، لو نُشرت شائعة قد راجت بأنك أردت قتل مديرك الذي رفض ترفيعك في وظيفتك، فما عليك هنا إلا أن توّسع الشائعة وتعطيها شكلًا أكثر غرابة، وتقول بأنك أردت أنت وزملائك الموظفين وعائلاتهم وجيرانهم والأحياء السكنية المجاورة الذين سمعوا عن عنجهية المدير، أرادوا فعل الأمر سويةً، أو أن تقول بأنك تسعى الى الإرتقاء وظيفيا لاصل في نهاية الأمر الى أن احكم العالم. يصعب كثيرًا تصديق مثل هذه الشائعات الاحدث والأكثر غرابة، كما أنها تنشر ظلالًا من الشك حول دقة ما نشر من معلومات حول الشائعة الأولى، وسيبدو الأمر كله سخيفا، وستجف الشائعات كلها بالتدريج.
أمّا إذا أردت أن توقف الإساءة اللفظية على الفور وأن تجعل أي شخص يجلس ويصمت، فلا داعي إلى إستخدام مثل: (كيف تتجرأ على التحدث إلي بهذه الطريقة)، أو (لم يعجبني كلامك، وأزعجني كثيرًا)، أو (لاتصرخ في وجهي)، فهذه الردود تجعل الشخص الغاضب مشكلة لنا، ولكن إدفع الكرة الى ملعبه، واجعل المشكلة مشكلته هو، واحبسه في زاوية ضيقة ودع كل عين تنظر إليه، بأن تقول: (يبدو أن يومك كان صعبًا عليك)، أو (يبدو أنك منزعج قليلًا من ذلك)، أو (لماذا أنت غاضبٌ إلى هذه الدرجة. اهدأ ياعزيزي إهدأ)، أو في المقابل «اعترف بسلطة الشخص الآخر» وقوته إذا كنت قلقًا بشأن سلامتك الجسدية، وذلك بهدف تبديد غضبه.
المصدر: ساسة بوست