مفهوم الأيديولوجيا بين ماركس ولينين – د. محمد عجلان (3)
إذا كان ماركس قد ورث مع المفهوم مدلوله القدْحي وهو الذي ظل طاغياً في تفكيره وخاصة فى مرحلة الشباب، فإن هذه الشحنة القدحية لن يتم تجاوزها إلا مع فلاديمير لينين Vladimir Lenin (1870 – 1924) الذي سيشرع ابتداءً من سنة 1900 فى استعمال تعبير “نحن الأيديولوجيين”، وبالتالي لن تظل الأيديولوجيا هى فكر الآخر، فكر الخصم، بل هى فكرنا نحن أيضاً، وهذا ما سيخرج بها من إطار الصراع السياسي إلى مستوى التحليل السوسيولوجي. وبموازاة ذلك أخذ لينين يستعمل مصطلحاً آخر هو الأيديولوجية الاشتراكية بجانب الأيديولوجية البرجوازية، وهي التي انصب عليها الخطاب الماركسي منذ نشأته ([1]).
وقد عمل لينين * على التمييز بين الأيديولوجيا العلمية والأيديولوجيا اللاعلمية، وذلك من خلال تأكيده على أن الماركسية لم تكن نظرية للمعرفة، وإن كانت نظرية المعرفة تؤلف جزءاً أساسياً من كيانها، إلا أن الماركسية بالأساس هي أداة لتغيير العالم. وإذا كان لينين قد وصف الماركسية بأنها أيديولوجيا، فهذا تمييز لها عن النظرية التى هى أيضاً لحظة أساسية فى الأيديولوجيا، على اعتبار أن الأيديولوجيا ليست إلا نظرية قد تمكنت من الغرائز والإرادة والعاطفة والدوافع اللاشعورية، تمكنها من العمليات الواعية والمنظمة عقلياً. إن النظرية التى استحالت أيديولوجيا هى الوعى وقد استحال إرادة. ولذلك يؤكد لينين على أن الثورة ليست من صنع الوعى وحده، وإنما من صنع الإرادة والمال أيضا ([2]).
المصادر:
(1) محمد سبيلا: الأيديولوجيا نحو نظرة تكاملية، مرجع سابق، ص: 42.
(2) فلاديمير لينين زعيم سياسي ومفكر شيوعي روسي، يعتبر هو مؤسس الدولة السوفيتية والمفكر الذي وضع مبادئ الثورة البلشفية في بلاده. يعد من أهم زعماء الحركة الشيوعية العالمية، ومن أهم صناع التاريخ العالمي المعاصر.
(2) مالك أبو شهيوة: الأيديولوجيا والسياسة، دراسات فى الأيديولوجيات السياسية المعاصرة، جـ1، ط2 (ليبيا: الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، 1995) ص: 37 – 38.